شركة أبل | التاريخ والإنجازات
شركة أبل | التاريخ والإنجازات

شركة أبل هي شركة متعددة الجنسيات من أصلٍ أمريكي، تقع بولاية كاليفورنيا في مدينة كوبرتينو على ساحل الولايات المتحدة الغربي، وهي شركة مختصة في تطوير وتصميم وبيع الإلكترونيات، والبرامج الحاسوبية، وأجهزة الحاسوب الشخصية.  

وتعد سلسلة حواسيب “MAC” وأجهزة “الآيبود والآيفون والآيباد والساعات الذكية” من أشهر منتجات شركة أبل، في حين أن برامجها الشهيرة تتمثل في: نظام التشغيل الخاص بأجهزة MAC وهو “macOS”

ونظام “IOS” الخاص بالأجهزة المحمولة، وتطبيق “I-Tunes” لاستعراض ملفات الموسيقى والفيديو كالأغاني والأفلام، ومتصفح الإنترنت الشهير “Safari”، إلى جانب حزمتي التطبيقات الإنتاجية الإبداعية “I-Life” و”I-Work”.

ومن منا لا يعرف شركة أبل صاحبة علامة التفاحة الشهيرة؟

ولكن هل تعلم ما هو تاريخ هذه الشركة؟

ابق معنا لنتعرف سويًا على تاريخ وإنجازات الشركة وكيف وصلت إلى هذه المكانة الحالية…

مرحلة تأسيس شركة أبل 1976

بدأت شركة أبل في الأول من نيسان عام 1976، على يد المؤسسين “ستيف جوبز” و”ستيف وزنياك” و”رونالد واين”، وكان الهدف من الشركة بيع الحواسيب الشخصية التي قد أطلقوا عليها “أبل-1”.

وكانت هذه الحواسيب مصنوعة على يد ستيف وزنياك، وقد قاموا بعرضها على الجمهور لأول مرة في نادي “هومبرو” للحواسيب، وقد كانت هذه الحواسيب تباع كـلوحةٍ أم (Motherboard) مع وحدة المعالجة المركزية (CPU) وذاكرة الوصول العشوائي (RAM) ورقائق الفيديو الأساسية.

بالطبع لم تكن هذه الأجزاء حاسبًا متكاملًا فهي أقل مما قد نعتبره حاسبًا شخصيًا في يومنا هذا، وبدأت أبل في بيع هذه الحواسيب من النوع أبل-1 في يوليو 1976، وكان سعرها السوقي للجهاز الواحد من هذه الأجهزة حوالي 666.66 دولارًا أمريكيًا. (أي ما يعادل حوالي 2.5 ألف دولارًا حاليًا).

شركة أبل 1977 – 1980

في الثالث من يناير 1977 تم إدراج الشركةِ لتصبحَ “APPLE Co LTD”، وتم ذلك بدون مشاركة “رونالد وين”، والذي كان قد باع حصته من الشركة لشريكيه “ستيف جوبز وستيف وزنياك” بمقابل ثماني مئة دولار أمريكي فقط.

وقدم المليونير الشهير “مايك ماركولا” للشركة الخبرة التجارية اللازمة والتمويل المطلوب والمقدر بمئتين وخمسين ألف دولار أمريكي، خلال عملية تسجيل الشركة.

 

شركة أبل 1977 - 1980
شركة أبل 1977 – 1980

 

تم استعراض حاسوب الشركة الجديد “أبل-2” في 16 من أبريل لعام 1977، خلال مهرجان West Coast للحواسيب، وكان الجهاز الجديد أبل-2 مختلفًا تمامًا عن الجهازين المنافسين (TRS-80) و(Commodore PET)، وتميز جهاز أبل-2 وقتها برسومات الجرافيك الملونة وتصميمه المفتوح. 

وبينما استخدمت النماذج المبكرة من الجهاز شرائط الكاسيت العادية كوسائل تخزينية، فقد تغلب أبل-2 على ذلك من خلال استخدام قرصها المرن الذي قد وصل حجمه حينها إلى 5.25 بوصة، والذي أطلقت عليه أبل اسم ديسك-2.

تم استخدام الجهاز الرائد من أبل “أبل-2” كأساس لأول “برنامج قاتل” في عالم الأعمال: وهو برنامج الجداول “فيزيكالك” (VisiCalc)، وقد فتح هذا البرنامج سوقا تجارية ضخمة لجهاز أبل-2، كما أعطى المستخدمين في كل مكان سببًا إضافيًا لشراء وتجربة جهاز أبل-2، الذي أصبح متوافقًا مع العمل المكتبي.

ويُذكر أن شركة أبل كانت تبالغ في أرقام مبيعاتها حتى أنها قد كانت في المركز الثالث البعيد خلف أجهزة “كومودور” و”تاندي”، حتى جاء البرنامج المنقذ “فيزيكالك”.

بحلول أواخر السبعينيات، كانت شركة أبل قد عينت فريقًا من مصممي الحواسيب وخطًا إنتاجيًا خاصًا، تبع جهازهم الجديد “أبل-3” أخيه “أبل-2” في شهر مايو من عام 1980، وذلك ضمن منافسة شركة أبل الشهيرة مع شركات “IBM” و”Microsoft” في سوق الحواسيب التجارية والحواسيب الخاصة بالشركات.

قام السيد ستيف جوبز وعددٌ من موظفي شركة أبل بزيارة “زيروكس بارك” (Xerox PARC) في شهر ديسمبر من عام 1979 لرؤية جهاز “زيروكس ألتو”، إذ قامت شركة زيروكس بمنح مهندسي شركة أبل تصريحًا لمدة ثلاثة أيام للدخول إلى مرافق “Xerox PARC”، في مقابل حصول شركة زيروكس على بعض أسهم شركة أبل بقيمة مليون دولار.

اقتنع ستيف جوبز في نهاية هذه الزيارة المثمرة أن كل الحواسيب في المستقبل ستستخدم نظام “جُوُي”، ولذا بدأت شركة أبل على الفور في تصنيع هذه الواجهة لجهازها المقبل المسمى “أبل-ليزا”.

في ديسمبر 1980، عرضت شركة أبل أسهمها للشراء بشكل عام أي أنه يمكن للعامة شراء هذه الأسهم، وعند حدوث ذلك، كانت أبل قد حققت رأس مال ضخم وقد عُد رأس مال شركة أبل وقتها الأكبر في التاريخ منذ شركة فورد في عام 1956.

شركة أبل 1981 – 1985

بدأ شركة أبل في العمل على جهاز “أبل-ليزا” في 1978، ولكن تم إخراجه من فريق ليزا في عام 1982 بسبب بعض الخلافات الداخلية في الشركة، وقد سيطر ستيف بدلا من ذلك على مشروع “جيف راسكين” للحواسيب ذوي التكلفة المنخفضة “ماكنتوش”. 

اندلعت حربٌ تنافسية بين فريقي الشركة، العاملين على مشروع ليزا، و”قراصنة جوبز” كما كانوا يسمونهم، وهم العاملين على مشروع ماكنتوش، وقد تمحور هذا التنافس حول المنتج الذي سيصل إلى السوق أولًا لينقذ شركة أبل.

 فاز جهاز ليزا بسباق الإنقاذ في عام 1983، وأصبح الحاسوب الشخصي الأول الذي يباع للعامة بواجهة جرافيكية مُستخدِمية “جُوُي”، ولكن على الجانب التجاري فقد فشل المشروع تجاريًا، بسبب ارتفاع التكلفة ومحدودية البرمجيات المتاحة له وقتها.

الماكنتوش الأول، وهو المعروف أيضا بماكنتوش 128K، أطلقت شركة أبل حاسوب الماكنتوش في عام 1984، وكان ذلك من خلال إعلانها الشهير والذي بلغت قيمته 1.5 مليون دولار أمريكي.

 كان الإعلان من إخراج المخرج ريدلي سكوت، والذي أذيع خلال الربع الثالث من مباريات الدورة الثامنة عشر من السوبر بول، في الثاني والعشرين من يناير عام 1984، وهو الإعلان الذي يعتبر حدثًا فاصلًا في نجاح شركة أبل الحالي.

بدأت مبيعات جهاز الماكنتوش الجديد بشكل جيد، لكن المبيعات لم تكن قوية بعد فترة، ويرجع ذلك إلى غلاء سعر الجهاز، ومحدودية البرامج المتاحة له، لكن الأمر تغير تمامًا بطرح الطابعة (Laser-writer)، والتي كانت أول طابعة ليزر (PostScript) تباع بسعر معقول في السوق، كما تم طرح برنامج “بيدج-ميكر” (PageMaker)، والذي كان برنامجًا مبكرًا من برامج النشر المكتبي.

كان جهاز “الماك” قويًا للغاية في هذا السوق، وذلك بسبب قدراته الرسومية (الجرافيكية) المتقدمة، والتي كانت مدمجة به ابتداءً من إنشاء واجهة ماكنتوش الجرافيكية.

في العام 1985، بدأت الصراعات الداخلية على السلطة بين ستيف جوبز والرئيس التنفيذي جون سكالي، والذي كان قد مر على توظيفه عامان فقط، وبينما انحاز مجلس إدارة شركة أبل إلى جون، تمت إقالة ستيف من مهامه الإدارية، فقام ستيف بالإستقالة من شركة أبل وأسس شركته الخاصة نيكيست المحدودة (NeXT Inc) في نفس العام.

يرجع نمو أبل العملاق والمستمر في بدايات الثمانينات إلى ريادتها في قطاع التعليم، ويرجع ذلك إلى استخدامها للغة البرمجة “لوجو” (LOGO) التي أنتجتها شركة “LOGO LTD” وتم استخدامها في منصة حاسوب “أبل-2″، فوفر نحاج شركتي أبل ولوجو قطاعًا عريضًا من المستخدمين الموالين في جميع أنحاء العالم. 

وكان بروز شركة أبل في قطاع التعليم في كاليفورنيا راجعًا إلى اتفاقٍ تم عقده بين ستيف جوبز وجين بارو الذي كان يمثل شركة لوجو، للتبرع بحاسوب أبل واحد مع حزمة برامج أبل ولوجو لكل مدرسة عامة في الولاية.

شكل هذا الاتفاق وجودًا قويًا لشركة أبل في جميع مدارس ولاية كاليفورنيا، والذي نتج عنه محاولة جميع المدارس في جميع أنحاء الولايات المتحدة اقتناء حاسوب أبل-2، وكانت هذه التجربة في قطاع التعليم أمرًا حاسمًا لقبول أجهزة أبل في المنازل، وذلك دعمًا من الآباء لتجربة تعلم الأبناء في المنزل بعد المدرسة.

شركة أبل وحالة التأرجح 1986 – 1993

بعد طرح جهاز الماكنتوش المحمول الضخم في عام 1989 تعلمت أبل العديد من الدروس المؤلمة، فقامت الشركة بطرح جهاز “باور بوك” في العام 1991، وقد كان هذا الجهاز الذي وضع أساسًا واضحًا للشكل الحديث والتصميم المريح للحاسوب المحمول.

تم تصميم جهاز الماكنتوش المحمول ليكون على نفس القدر من قوة الماكنتوش المكتبي وبالتالي فقد كان مليئًا بالعيوب فكان وزن الجهاز 17 رطلا، ومدة صمود بطاريته حوالي 12 ساعة!

باعت شركة أبل أقل من 100000 وحدة من جهاز الماكنتوش المحمول بسبب هذه العيوب، ولذلك قررت أن تعيد تصميم جهازها المحمول الجديد باوربوك، لكي تقوم بحل هذه المشاكل، فكان وزن هذا الجهاز 7 أرطال فقط، وكان عمر البطارية الخاصة به 3 ساعات، وبالفعل فقد باعت شركة أبل أجهزةً بقيمة مليار دولار خلال السنة الأولى.

في العام نفسه، قدمت شركة أبل نظامًا محدثًا باسم (System 7)، والذي كان يعتبر تحديثًا رئيسيًا لنظام التشغيل نفسه، حيث قام بإضافة الألوان إلى واجهة العرض، كما أضاف قدراتٍ جديدة لربط الشبكات، وقد ظل هذا النظام كأساسٍ تصميمي لنظام التشغيل “MAC” حتى عام 2001.

أدى نجاح أجهزة باور بوك وغيرها من المنتجات الإلكترونية الرائدة إلى زيادة إيرادات الشركة، وقد بدا لوهلة من الوقت أن شركة أبل لا تُخطيء، فقد قامت بطرح المنتجات الجديدة والعصرية والتي كانت تدر أرباحًا متزايدة دائمًا، وقد صرحت مجلة (MacAddict) أن هذه الفترة بين عامي 1989 و1991 كانت “أول عصر ذهبي” لأجهزة الماكنتوش.

ولكن النجاح لم يكن حليف الشركة الدائم!

فبعد النجاح الذي حققته شركة أبل من بيع أجهزة (Macintosh LC)، قامت بطرح خط الحواسيب الجديد سنتريس، وخط الحواسيب كوادرا منخفضة الثمن، وخط الحواسيب بيرفورما، وقد بيعت هذه الأجهزة بعدة تكوينات وحزم برمجية مُختَلَطة لتفادي المنافسة مع المحلات الاستهلاكية العادية المختلفة مثل سيرز و”Price club” وول مارت، وهي بعض المحلات التي تعاملت مع هذه النسخ من الأجهزة، وقد كانت النتيجة النهائية وخيمة على شركة أبل، لأن المستهلكين لم يفهموا أصلًا الفرق بين النماذج وبعضها.

وقد واجهت أبل فشلًا ذريعًا في هذه الفترة في عددٍ من المنتجات التي استهدفت بها المستهلكين بشكل مباشر، والتي اشتملت على الكاميرات الرقمية، ومشغلات الأقراص المضغوطة السمعية المحمولة، ومكبرات الصوت، ولوحات ألعاب الفيديو، وأجهزة التلفاز.

كما قامت الشركة باستثمارات مواردًا هائلة في ما يسمى بـ”قسم نيوتن” والذي اتضح فيما بعد أنه مليءٌ بالمشاكل، وقد كان هذا القسم مبنيًا على توقعات جون سكالي فيما يتعلق بالأسواق، وقد انخفضت حصة أبل السوقية وواصلت أسعار أسهمها في الانخفاض السريع.

رأت شركة أبل أن سلسلة أجهزتها من طراز أبل-2 تتكلف الكثير من المال خلال عملية إنتاجها، وأنها قد غطت على مبيعات الماكنتوش المنخفض التكلفة (Macintosh LC)، ولذلك قامت أبل في عام 1990 بطرح “Macintosh LC” بفتحة للتحديث باستخدام بطاقة حاسوب أبل-2-إي وذلك لحث المستخدمين على الانتقال إلى منصة الماكنتوش، وقد توقفت شركة أبل عن بيع أبل-2-إي بشكل نهائي في عام 1993.

وبينما كانت أبل تستمر في التأرجح والسقوط واصلت مايكروسوفت كسب حصة أكبر من السوق من خلال نظامها الشهير ويندوز، وكان ذلك نتيجة لتركيزها على توفير برامج جديدة لأجهزة الحاسوب الشخصي الرخيصة، مقارنةً بتجربة أبل الغنية هندسيًا، والمكلفة ماديًا بشكل كبير.

اعتمدت شركة أبل في خطتها الربحية على ارتفاع هامش الربح، ولم تطور ردًا واضحًا لإقناع المستخدمين أبدًا، بدلًا من ذلك قامت أبل برفع دعوى قضائية ضد مايكروسوفت، وذلك لاستخدام مايكروسوفت واجهة مستخدم رسومية مماثلة لتلك التي أطلقتها أبل في جهازها “أبل-ليزا”.

وقد اشتهرت هذه الدعوى باسم قضية شركة أبل المحدودة ضد شركة مايكروسوفت كوربوريشن، استمرت هذه الدعوى لسنوات قبل أن يُلقى بها خارج المحاكم، وفي نفس الوقت، أدت سلسلة من الإخفاقات الكبيرة في منتجات أبل وعدم الوفاء بالمواعيد التي حددتها الشركة إلى تدمير سمعة أبل، وتم استبدال المدير “سكالي” بآخر جديد وهو مايكل سبيندلر.

شركة أبل ومرحلة العودة 1994 – 1997

مع قدوم أوائل التسعينات، حاولت شركة أبل تطوير بعض المنصات البديلة لمنصة الماكنتوش، وقد كان من بين هذه المنصات، منصة  (A/UX)، وذلك لأن منصة الماكنتوش كانت قد أصبحت بالية بسبب محدودية المهام التي تستطيع القيام بها في المرة الواحدة، ولذا قامت شركة أبل ببرمجة عدد من البرامج الرئيسية على الأجهزة بشكل مباشر.

وقد كانت أبل تواجه منافسة قوية من بائعي (OS/2) ونظام التشغيل (UNIX)، مثل شركة “صن مايكروسيستمز”، فكان من الضروري أن تعوض عن منصة الماكنتوش بمنصة جديدة، أو أن تعيد تطوير منصة الماكنتوش لتعمل على أجهزة أكثر قوة من الجيل القديم.

بحلول عام 1994 قامت شركة أبل بالتحالف مع شركة “IBM” وشركة موتورولا في تحالفٍ أسموه (AIM)، وكان الهدف من هذا التحالف خلق منصة حاسوبية جديدة (وهي منصة المرجع “باور بي.سي.”)، والتي ستستخدم أجهزة موتورولا و”IBM”، مع برمجيات أبل، كان التحالف بين الشركات الثلاثة على أمل أن يسبقوا أداء منصة “بريب”.

وفي نفس العام طرحت أبل حاسوب “Power Macintosh”، وهو أول حاسب من حواسيب أبل الكثيرة التي عملت باستخدام معالج “IBM” المسمى “Power PC”.

في عام 1996 قامت أبل باستبدال مايكل سبيندلر وأحلت محله جيل أميليو كرئيسٍ تنفيذي، أجرى أميليو تغييراتٍ كثيرة في الشركة، بما في ذلك من تسريحات جماعية لبعض العمال، بعدما حاول لمراتٍ عديدة تحسين نظام التشغيل ماكنتوش، وقد حاول أولًا مع مشروع تاليجينت، ثم في وقتٍ لاحق حاول مرة أخرى مع مشروع كوبلاند ومشروع جيرشوين، ولكن بلا نتيجة!

قرر أميليو أن يقوم بشراء شركة نيكست المحدودة ونظام تشغيلها “نيكست-ستيب”، وبذلك عاد ستيف جوبز إلى شركة أبل مرة أخرى ولكن كمستشار هذه المرة، وفي العام 1997 أطاح مجلس إدارة أبل بجيل أميليو بعد ثلاثة سنوات، سجل فيها أميليو انخفاضًا في سعر الأسهم وخسائر مالية ضخمة، فأصبح ستيف جوبز الرئيس التنفيذي المؤقت للشركة، وبدأ في إعادة هيكلة خط إنتاج الشركة مرة أخرى.

وخلال معرض ماك وورلد لعام 1997، أعلن ستيف جوبز أن أبل سوف تتحد مع مايكروسوفت لإطلاق إصدارات جديدة من مايكروسوفت أوفيس وهي نسخ خاصة لأجهزة الماكنتوش، كما قامت مايكروسوفت بإستثمار 150 مليون دولار في الأسهم الخاصة بشركة أبل.

شركة أبل ومتابعة الربح 1998 – 2005

في الخامس عشر من شهر أغسطس للعام 1998، طرحت شركة أبل حاسوبًا جديدًا أطلقت عليه حاسوب “الكل في واحد”، الذي ذكر المستخدمين بحاسوب أبل القديم الماكنتوش 128K، قام جوناثان إيف بقيادة فريق تصميم آي ماك، وكان إيف لاحقًا هو المصمم الأساسي لجهازي الآي بود والآي فون.

كان يتميز جهاز “آي ماك” بالتكنولوجيا الحديثة والتصميم الفريد، حيث باع الجهاز قرابة الـ 800000 وحدة في أول خمسة أشهر من إطلاقه، وأعاد إلى شركة أبل ربحيتها مرة أخرى والتي كانت قد فقدتها منذ عام 1993.

خلال هذه المدة أقدمت أبل على شراء بعض الشركات لإنشاء مجموعة من البرامج الإنتاجية الرقمية المهنية والموجهة للمستهلك العادي لدعم نظامهم التشغيلي، وفي العام 1998 قامت شركة أبل بالإعلان عن شراء برمجيات “Final Cut” الخاصة بشركة ماكروميديا، وكانت هذه بداية توسعها في السوق العالمية للفيديو.

أصدرت أبل مُنتَجَين جديدين لتحرير الفيديو في السنة التالية مباشرةً وكان اسم البرنامجين: “آي موفي” وهو النسخة الموجهة للمستهلكين، و”فاينال كات برو” وهو النسخة الموجهة للعاملين بمجال الفيديو والأفلام.

ولا يخفى على أحد أن “فاينال كات برو” قد أصبح لاحقًا أحد أهم البرامج في عالم تحرير الفيديو، وكان عدد مستخدمي البرنامج حوالي 800000 مستخدم “مسجل” بحلول العام 2007، وفي عام 2002 اشترت شركة أبل إحدى الشركات وهي “شركة ناثينج ريال” بسبب برنامج “شيك” الذي كان وقتها متقدمًا رقميًا في الجمع بين خصائص الصور، كما قامت بشراء شركة “إيماجيك” للإستيلاء على برنامجها لإنتاج الموسيقى والمسمى “لوجيك”، والذي تم استخدامه لتطوير برنامج “جراج باند” الموجه للمستهلك، وأكملت أبل بنفس العام إصدار برنامج “آي فوتو” لتكمل بذلك مجموعة برامج “آي لايف”.

قامت الشركة بإصدار نظام التشغيل ماكنتوش بنسخته العاشرة في الرابع والعشرين من مارس للعام 2001، وتمت برمجة النظام على أساس نظامي تشغيلٍ مختلفين وهما “أوبين ستيب” (لشركة “نيكست”) و”بي. إس. دي. يونيكس”، وقد كان النظام الجديد موجهًا للمستهلكين العاديين والمهنيين في ذات الوقت، وكان النظام يجمع بين العديد من الخصائص المميزة مثل: الاستقرار والموثوقية والأمان التي اشتهرت بها يونيكس، وسهولة الاستخدام بسبب وجود واجهة مستخدم.

 ولتساعد شركة أبل المستخدمين في التحول عن نظام التشغيل القديم ماك 9، سمح لهم نظام التشغيل الجديد “ماك أو إس عشرة” باستخدام التطبيقات الخاصة بنظام التشغيل 9، وذلك من خلال واجهة المستخدم الكلاسيكية للنظام الجديد ماك أو إس 10.

في التاسع عشر من شهر مايو للعام 2001 افتتحت أبل بعض المحال لبيع منتجاتها الخاصة بالتجزئة في ولايتي فيرجينيا وكاليفورنيا، وفي نفس العام قامت الشركة بطرح مشغل السمعيات الرقمي المحمول الخاص بها وهو “جهاز آي بود”.

شكل الجهاز نجاحًا هائلًا لشركة أبل وكان منتجًا ناجحًا بامتياز فقد بيع منه أكثر من 100 مليون نسخة خلال 6 سنوات فقط، وفي العام 2003 افتتحت أبل متجرًا أسمته “آي تيونز” وهو متجر رقمي لتنزيل الموسيقى عبر الإنترنت بسعر 0.99 دولارًا للأغنية الواحدة، وكان هذا المتجر متكاملًا مع أجهزة الآي بود، وسرعان ما تحول هذا المتجر ليصبح الخدمةُ الرائدةَ في مجال خدمات الموسيقى عبر الإنترنت، وسجل المتجر ما يزيد عن خمسة مليار تحميل بحلول التاسع عشر من شهر يونيو في عام 2008.

عمل فريق شركة أبل منذ العام 2001 على التخلص من استخدام المواد البلاستيكية الشفافة الملونة تدريجيًا والتي كانت قد استخدمت لأول مرة في جهاز الشركة “آيماك جي 3″، بدأت هذه الخطة مع تصنيع الباوربوك والذي صُنع  من التيتانيوم، وأعقبه “الآي بوك” الذي تم صنعه من البولي كاربونات، وجهاز “الآي ماك” مُسَطح الشاشة، وقد فجر ستيف جوبز مفاجئة في الأوساط التقنية حيث أعلن عن تعاون شركة أبل مع شركة إنتل وذلك في الكلمة الرئيسية في المؤتمر العالمي للمطورين في السادس من يونيو لعام 2005، وتلخصت الكلمة في أن شركة أبل ستبدأ في إنتاج حواسيبها الخاصة “الماكنتوش” العاملة على وحدات المعالجة التي تصنعها شركة إنتل، وأن ذلك سيبدأ في عام 2006.

شركة أبل والشراكة مع إنتل في أواخر عام 2006 إلى 2010

في العاشر من يونيو عام 2006 قامت أبل بطرح جهاز “ماك بوك برو” وجهاز “آي ماك”، وهما الجهازان الأوائل في الخطة المشتركة بين إنتل وأبل، حيث كانا يعملان بوحدة معالجة مركزية من النوع “كور دو” والتي تصنعها شركة إنتل، ولم تلبث أبل أن قامت بتحويل جميع خطوط الإنتاج الخاصة بأجهزة الماك إلى استخدام رقائق إنتل وكان ذلك بحلول السابع من أغسطس لعام 2006، وكان هذا التحول مخططًا ولكنه حدث بشكل مبكر بعامٍ واحد عما كان معلنًا عنه في الخطة الرئيسية.

 

شركة أبل والشراكة مع إنتل في أواخر عام 2006 إلى 2010
شركة أبل والشراكة مع إنتل في أواخر عام 2006 إلى 2010

 

وقد تخلت شركة أبل عن ماركات “باور ماك”، و”آي بوك”، و”باوربوك” خلال هذا التحول وأصبح هناك خليفة لكل ماركة من الماركات المستغنى عنها: حيث خلف جهاز “ماك برو الجهاز السابق باور ماك” بينما خلف جهاز “ماك بوك الجهاز السابق آي بوك” وخلف الأخير “ماك بوك برو جهاز باور بوك”.

وفي التاسع والعشرين من نيسان عام 2009 أعلنت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن شركة أبل كانت تقوم ببناء فريقها الخاص من المهندسين المختصين لتصميم الرقائق الدقيقة الخاصة بالشركة.

أصدرت شركة أبل في نفس العام أيضًا برنامج البوت كامب والذي يساعد المستخدمين على تثبيت نظام التشغيل “ويندوز إكس بي أو ويندوز فيستا” على أجهزة “الماكنتوش التي تعمل برقائق إنتل” جنبًا إلى جنبٍ مع نظام تشغيل شركة أبل الخاص ماك 10.

كانت النجاحات المتتالية لشركة أبل واضحة خلال هذه الفترة من خلال سعر أسهمها، والتي ارتفعت لأكثر من عشرة أضعاف بَيْنَ مطلع عام 2003 و2006، فقد قفز سعر السهم من حوالي 6 دولارات للسهم الواحد إلى ما يزيد عن 80 دولارًا للسهم والتي عُدت قفزة هائلة في ذلك الوقت، وفي شهر يناير عام 2006 تجاوزت قدرة شركة أبل السوقية  قدرة شركة ديل، الأمر الذي كان مضحكًا أن الرئيس التنفيذي الخاص بشركة ديل “مايكل ديل”، كان قد أعلن قبل تسع سنوات من ذلك التاريخ، أنه إذا أتيحت له فرصة إدارة شركة أبل فإنه “سوف يقوم بغلقها وإرجاع المال للمساهمين.” 

وعلى الرغم من نمو حصة أبل في سوق أجهزة الحاسوب، فقد كانت لا تزال متخلفةً كثيرًا عن منافسها المباشر “مايكروسوفت”، وقد كانت أبل وقتها لا تملك إلا حوالي 8 في المئة من إجمالي سوق أجهزة الحاسوب المكتبية والمحمولة في الولايات المتحدة الأمريكية.

أعلن ستيف جوبز أثناء إلقائه الكلمة الرئيسية في معرض ماك وورلد السنوي يوم 9 يناير 2007، أن شركة “حاسوب أبل المحدودة”، سوف تُعرف من تلك اللحظة بشركة أبل المحدودة، وشهد المعرض أيضا الإعلان عن جهاز الآي فون وجهاز التلفاز الخاص بأبل، في اليوم التالي للمعرض وصلت قيمة سهم شركة أبل الواحد إلى 97.80 دولارًا، وكان هذا أعلى مستوى قد وصل إليه منذ نشأة الشركة، وفي شهر مايو من نفس العام تجاوز سعر السهم الواحد حاجز المائة دولار.

أشارت شركة أبل في السادس من شهر فبراير 2007 أنها ستقوم ببيع الموسيقى على متجر “آي تونز” الإلكتروني دون أي حقوق رقمية بشرط أن توافق شركات التسجيلات على التخلي عن حقوقها الرقمية وهو ما كان سيسمح بتشغيل الأغاني على مشغلاتٍ أخرى من أطرافٍ ثالثة، وفي يوم 2 من شهر أبريل عام 2007 أعلنت شركة أبل بالاشتراك مع شركة الصناعات الموسيقية والإلكترونية البريطانية المحدودة (EMI) عن أنها ستزيل تكنولوجيا إدارة الحقوق الرقمية من قائمة شركة “EMI” على موقع متجرها آي تونز، وأن القرار سيكون ساريًا بداية من شهر مايو.

وفي الحادي عشر من يوليو عام 2008 أطلقت شركة أبل “APP Store” لبيع تطبيقات الطرف الثالث لأجهزة الآي فون وجهاز الآي بود تاتش، وفي غضون شهرٍ واحد باع المتجر حوالي 60 مليون تطبيق، بإيراداتٍ يومية بلغ متوسطها المليون دولار، قام ستيف جوبز عندئذٍ بالتكهن أن المتجر يمكن أن يصبح تجارةً جديدة توفر مليارات الدولارات لشركة أبل، وبعد ثلاثة أشهر فقط ظهر الإعلان أن أبل تقارب أن تصبح ثالث أكبر مورد للهواتف في العالم، نظرا لشعبية جهازها “آي فون”.

 وفي العام 2008 قامت أبل بالإعلان أن عام 2009 سيكون آخر عامٍ لحضور الشركة لمعرض ماك وورلد، وأن “فيل شيللر” هو من سيلقي الكلمة الرئيسية في معرض عام 2009 بدلًا من ستيف جوبز.

في الرابع عشر من شهر يناير عام 2009 أصدر ستيف جوبز إعلانًا داخليًا في شركة أبل، والذي تضمن أنه سيأخذ أجازة لمدة ستة أشهر، حتى نهاية شهر يونيو 2009، ليتمكن من التركيز على حالته الصحية بشكل أفضل والسماح للشركة بالتركيز على منتجاتها.

وعلى الرغم من غياب العقل المدبر للشركة “ستيف جوبز”، فقد سجلت أبل أفضل أرباح ربع سنوية في غير العطلات (Q1 من السنة المالية 2009) خلال فترة الركود، حيث حققت الشركة إيرادات بلغت 8.16 مليار دولار و أرباحًا بلغت 1.21 مليار دولار.

حصلت شركة أبل في قائمة أكثر الشركات قيمة في التاريخ على المركز الأول بـ 632 مليار دولار، وذلك بسبب ارتفاع سعر أسهمها بما يقارب 64% في الثلث الثالث من عام 2012، محطمةً بذلك الرقم القياسي المسجل لدى شركة مايكروسوفت في العام 1999 والمقدر بـ 618.9 مليار دولار.

وضع شركة أبل مع المستخدمين

تعتبر شركة أبل واحدة من شركات التقنية القليلة التي نجحت في اجتذاب الطبقة الراقية من المجتمع وتكوين علاقة قوية معهم عن طريق منتجاتها الآمنة التي يطمح لها هذه الفئة من الناس، حيث اشتهرت أبل أن منتجاتها هي الأكثر خصوصية بين جميع الشركات في السوق، كما يحصل مستخدم أبل على عدد جيد من التحديثات لنظامه التشغيلي دون أن يضطر إلى ترقية الجهاز الخاص به.

ويعتبر مُوالي الشركة أن شركة أبل خارج المنافسة حيث لا يعترفون بغير منتجاتها حتى إذا كانت منتجات الشركات الأخرى أفضل بمراحل، وتسمى هذه الظاهرة بمعضلة الـ Apple fanboys وهي ظاهرة منتشرة خصوصًا على شبكة الإنترنت.

التعليقات
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *